سنوات المدرسة من أجمل سنوات العمر، دائماً يحنّ إليها الإنسان إذا تقدمت به السنّ و شق طريقه الخاص في حياته.
كان معلمونا يقولون لنا : إنكم تعيشون الآن أجمل مراحل العمر، لا هموم تشغلكم و لا مسؤوليات ترهق كواهلكم.
خطؤكم تغفره الطفولة و البراءة، و صوابكم يعظّمه عدم توقّع الناس حصوله منكم
طلباتكم يسيرة و آمالكم محصورة، تحصل بلعبة صغيرة، أو نزهة بسيطة، أو زيارة للسوبر ماركت.
نحن نغبطكم على حياتكم البريئة الطاهرة.
و يختمون حديثهم بتنهيدة تأتي من أقصى الجوف، و بإغماضة يسيرة لعيونهم، كأنهم يقولون: تعساً لنانحن، ويالِسعادة هؤلاء الإطفال.
لكن!! ماذا كان موقفنا نحن؟
كنا نضحك عليهم و نقول في أنفسنا : بمَ يخرّف هؤلاء الشيوخ؟
هل نحن أحسن حالاً منهم؟ إننا لا نملك سيارات مثلهم، إننا لا نملك المال مثلهم، إننا نستأذن أهلنا إذا أردنا أن نفعل أي شيء، أما هم فأمرهم ملك لأنفسهم يفعلون ما يشاؤون و لا يستأذنون أحداً، أحرار فيما يفعلون و نحن مقيدون بأمر أهلنا و إذن الذين هم أكبر منا (آآخ يا ليتنا كبار).
كنا نحسب -من جهلنا- أن الكبار تزداد إمكانياتهم و بناءًا على ذلك يفعلون ما يحلو لهم! (منطق بسيط جداً).
لمّا كبرنا أدركنا الحقيقة.
كثر مالنا و ازدادت إمكانياتنا و أصبحنا أكثر استقلالية، لكن!!
كبرت همومنا، و توسعت آمالنا، و صرنا أكثر أعباء و مسؤوليات، أصبح الواحد منّا يفكّر بأعمالٍ كثيرة و أحلام مستقبلية و يبغي تحقيقها كلها في وقت قصير.
أدركنا أن مساحة حرّيتنا البسيطة بالنسبة لحال الطفولة الخالية من المتاعب تعتبر كبيرة مترامية الأطراف، و أن مساحة حريتنا الواسعة الآن بالنسبة لأعبائنا و همومنا كأنها جحر ضبٍ أو أشد ضيقاً.
ما تفسير هذا الأمر؟
أهي رغبة الإنسان في التحول؟
أم عدم إحساسه بالنعم إلا بعد فقدها؟
أم هي خصلة جبلّيّة طبع الله عليها الإنسان؟
لعله أحد هذه الأمور أو كلها أو شيء آخر غيرها...
و أقول في النهاية إن الطفولة هي أجمل مراحل العمر بلا جدال كما قال معلمونا رحم الله من مات منهم و بارك فيمن بقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق