كان الأوّلون يتمنّون تحصيل العلم و بلوغ المعرفة بأي طريق، تجشموا عناء السفر و طول الطلب و الملازمة في سبيل تحصيل العلم و المعرفة، و كان الكتاب الواحد يدور في القرية بين الطلاب حتى يرجع إلى صاحبه الحقيقي من أحدهم على سبيل الإعارة!!
تمنى بعضهم أن يكون له مكتبة فلان حتى يبقى فيها أبد الدهر و لا يخرج منها...
في زماننا هذا كثرت الكتب و انفجرت المعلومات انفجاراً هائلاً و أصبحت أوعية المعلومة أكثر من أن تحصى، و أصبح في مقدور أي إنسان متوسط الإمكانيات أن يصبح مبدعاً و علماً من الأعلام إذا شاء، ومع ذلك لا نرى نماذج مبدعة أو علماء عباقرة كالماضي فمالعلة يا ترى؟
للموضوع أسباب كثيرة متعددة، لكني أود الحديث عن واحد منها وهو التضخم...
و التضخم ملخصه أن الشيء إذا زاد كميةً، رخص قيمةً أو ثمناً.
فالمال إذا زاد، قلت قوته الشرائية و السلعة إذا زادت و انتشرت قل ثمنها و رخصت و هكذا ...
و أنا أظن التضخم قد أصاب العلم في هذه الأيام، نرى المعلومات و نسمعها في كل مكان و بكل لسان و لكن القليل منّا يحفل بها أو يهتم لها
يظن أنها رخيصة و لا تكلف شيئا و أنها مبتذلة زهيدة و ذلك لفشوّها و كثرتها الكاثرة فقط!!
أنا أظن أن طباع الإنسان لم تتغير كثيراً حتى في زماننا هذا، فلو عاش بعض من علماء السابقين في زماننا هذا لرأيته عازفاً عما يعزف عنه أبناء اليوم من العلم و المطالعة و التحصيل مشتغلاً بما يشتغلون به.
و ليس السبب هو التضخم فقط و لكنه أحد الأسباب (فرد من جماعة).
كانت نادرة فغَليَت فطُلِبت، أصبحت متوفرة فرخصت فتُركت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق